يغفل كثير من الناس عن أمر مهم في علاقاتهم الاجتماعية هو أمر الصاحب والصديق..
لقد قضت حكمة الله تعالى أن تتأثر النفوس بمن حولها من الاصدقاء والأصحاب لأن الصاحب ساحب فالانسان في كل زمان ومكان لا يستطيع اعتزال الناس جميعاً فهو مضطر إلىالعمل وله فيه زملاء ومضطر للسكن وله فيه جيران ومحتاج إلى السفر وله في سفره رفيق.. فلا مفر من الصداقة ولكن من الضروري بل من الواجب حُسن تخيّر الأصدقاء وانتقاء الأصحاب والبحث عن سلوكهم وأخلاقهم قبل الارتباط بهم. فكما نهتم في اختيار أكلنا وشربنا وكما نهتم في شراء ملابسنا علينا أن نهتم وندقق في انتقاء الأصدقاء فلماذا نبحث عن مسكن نظيف ولا نبحث عن نظافة الصديق وعفة الرفيق ..؟ إننا نخشى من الأكل والفاسد والشراب الملوث فكيف لا نخشى صاحباً فسد طبعه وساءت أخلاقه وتعفنت صفاته وله نفس ملوثة بالإثم والفجور كم من شاب مهذب متعلم كان مثال الاستقامة في أخلاقه وفي حياته كلها انقلب إلى خليع فاسد وإذا بحثت عن سر تقلبه ستجد السبب هو مصاحبةالأشرار ومخالطة الفجار.
يُروى أن عبدالحميد الكاتب طُلب ليُقتل في الثورة العباسية وكان صديقاً حميماً لعبدالله بن المقفع ففاجأه الطلب وهما في بيت واحد فسأل قائد الجند أيكما عبدالحميد..؟ فأجاب كل منهما أنا خوفاً من أن ينال صديقه مكروه وخاف عبدالحميد أن يسرعوا إلى ابن المقفع فقال: إن لي علامات أُعرف بها ويعرفها من بعثكم في طلبي ومازال يقيم الحجج ليدفع الأذى عن صديقه حتى أُخذ وقُتل
ويروى أيضاً أن هذيلاً إحدى القبائل العربية أصابت دماً في بعض العرب فأسر أصحاب الدم رجلين من هذيل متصادقين فقالوا لهما: أيكما أشرف فنقتله بصاحبنا ؟ فقال كل واحد منهما أنا ابن فلان الحسيب النسيب فاقتلوني دون صاحبي وراح كل منهما يبذل نفسه للقتل دون صاحبه فلما عيوا بأمرهما أعجبوا بهما وصفحوا عنهما وقالوا هذا التصافي لا تصافي في المحلب.
موضوع: إنتقاء الأصدقاء 
السبت أغسطس 21, 2010 10:46 am
