منتدى قلعة المضيق
أهلا وسهلا زائرنا الكريم
نتشرف بإنضمامك إلينا
منتدى قلعة المضيق
أهلا وسهلا زائرنا الكريم
نتشرف بإنضمامك إلينا
منتدى قلعة المضيق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 همس الحلم الآتي

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
زاد الخير
مراقب عام
مراقب عام
زاد الخير


الجنس : ذكر
المساهمات : 219
الميلاد : 28/07/1969
التسجيل : 14/08/2010
العمر : 54
العمل : عمل إنساني
المزاج : حال الطقس

همس الحلم الآتي  Empty
مُساهمةموضوع: همس الحلم الآتي    همس الحلم الآتي  Icon_minitimeالسبت أغسطس 21, 2010 11:13 am

ماتت همس. لم تمت. نهضت فرزها البحر نقية لم يبرد جسدها، ظلت عروقها تنبض، بقي حبها للحديقة لممراتها للمنعطف المحاذي لمعمل التبغ، وشجرة الياسمين التي تتوسط طريق المساء، حيث وقع خطاها، فوق أرض حفظت تفاصيلها وهي تستمتع بموسيقا الضفادع وتشاهد حارس حقل (الخس) يعد الشاي.
تضحك حين يقول حبيبها.
-ماذا لو صرخنا وسط هذا الزحام

-دعيني أقبلك هنا.
-هيا لنمارس طقوسنا كما نشاء.
لونها يشبه لون القهوة وابتسامتها شمسية وكانت تحيك الآمال من نظراتها المتوثبة، وتعشق بساطة الحياة، وتدخل البيوت الحزينة لتلغي الحزن وتغرس مكانه بذور الفرح، ترعاها لتكبر وهي في طريقها إلى الضياء، وكانت تحب الرجال الذين يعانقون الصباح ومعهم زواداتهم المتواضعة وشموخهم المتعاظم وهم يصنعون بعرقهم المدى الذي يكبر فيه حبها.
كانت تحب البحر ترسم تكتب تمحو فوق رماله، وقمرها يحول الليالي إلى أعراس، رائحة تعبق من جسدها الرائع. لم تكن قصة حبها عادية، كانت أغنية رددتها أشجار الزيتون، أضواء العربات، باركتها الطيور. الفصول، أناشيد الصغار في مدارسهم، الكتب. الحناجر. وكانت الزعتر النقي الذي أنجبته غابات الغار في أعالي الجبال.

شهدت عجوز الحي ميلاد همس في دقائقه الأولى. أحبتها. رعتها. وحين كانت تراها تقفز في الهواء من مكان إلى آخر تداعب شعرها الأسود القصير بوداعة وتقبلها بحنان ثم تجلس القرفصاء كعادتها تراقب ما يجري بصمت.

دهشت همس حين رأت العجوز ذات يوم حزينة سألتها بغرابة:

-لماذا الحزن أيتها العظيمة؟

ردت العجوز:

- ستقتلك الخيانة يا همس.

صرخت:

-أنا أيتها الجباره لماذا ؟ لقد أحببت الجميع. هزت العجوز رأسها هزات متتالية، وبصوت واهن قالت:

-لأنها الخيانه يا بنيتي.

بكت همس، راحت منذ ذلك الوقت تنجز تطريز حلمها بيتاً ريفياً. زقزقة عصافير. ظل شجرة توت وتتنازعها لحظة الإحساس بمرارة الخيبة.

فجعت همس حين علمت أن أمها تسعى لقتلها، تلك التي أنجبتها، تبغي قتلها يا للهول.

ارتدت الأم ثوباً بدا على جسدها كالكفن، زينته ببصمات خفاياها ومشت في طريق قتلها.

حاولت الموجودات، الأشياء، الحجارة، التراب، الدقائق، إبعادها عن تنفيذ القتل. وصرخت العجوز بغضب:

-لا..

زمجرت الطبيعة وهبت ريح غريبة، لكن الخيانة كانت الأقوى بعد أن تملكتها فلم تستجب.

لون همس يشبه القهوة حولته إلى لون الدم. داست فوق قلبها وتقافزت جنيات حقدها متراقصة فوق الجسد.

صرخت همس:

-ياأماه... يا أماه...

قالت الأم:

-إنتهت لعبتك أيتها الفاجرة.

رددت الطبيعة ما قالته العجوز.

-الخيانة... الخيانة.

حلق جسدها في سماء زرقاء. أمسى نجمة بعيدة تروي حكايتها كل مساء لزوار من البشر يعرفون الحقيقة.

عزفت الدنيا لحن حزنها وغصت الحناجر وتجمدت الدموع في الأحداق.

قالت العجوز:

-ألم أقل لكم أيها البشر.

بكت النجمة. دفنت وجهها في صدر العجوز، رحلت معها صوب البحر، صنعت الأم همساً أخرى من الوهم علمتها فن تعدد الوجوه، تحويل الورود إلى خناجر تطعن ضحكات الأطفال، ظهور الأحلام، تفاصيل الأيام العادية.

فغابت رائحة الزعتر النقي الذي أنجبته غابات الغار من أعالي الجبال.

كانت العجوز تجلس القرفصاء وتتابع ما يجري لكنها لم تفكر مرة بمداعبة الشعر الأسود القصير المزيف لأنها تعرف الحقيقة جيداً.

سخرت ا"لأم لهمسها المصطنعة كل الوسائل كي تظهرها، تحدثت عنها أجهزة البث، الأقمار، وكالات الأنباء، الشاشات الملونة، أخذت صورتها مساحات لا بأس بها في الصحف. الإعلانات، كتبت عنها قصائد شعر مستهلكة ثم احتفلت الأم بعيد انتصارها. قتل، أحلام مخدوعة، كذب، ثمة طفل مذبوح، فوهات بنادق، أحذية رصاصية، قلاع، حواجز، أمهات يذبحن، كانت همس لا تحب هذه الممارسات.

ودموع العشاق لا تجدي حين ينقلب ازدحام الصباح إلى حوارات من البؤس.

ويصبح قمر المساء قطعة مذبوحة من أجساد الرجال الذين عرقوا كي يعيشوا مع الهمس الربيعي القادم إليهم من صفاء الينابيع وتحليق النسور.

لم ترحل العاشقة التي نسجت من زهور الزمن. هنا كتبت، هنا أزهرت الجدران همسات من الحب لتعيد ترتيب الفصول وموسيقا الضفادع ووجه حارس حقل الخس.

كانت رائحتها تتغلغل في خلايا البلاد تلامس كل هواء، لم تمت، نهضت، نقلها البحر نقية أزهرت شجرة الياسمين التي تتوسط طريق المساء. ضحكت العجوز حين عادت إلى الحديقة ممراتها. ضحكت همس حين قال حبيبها.

-ماذا لو صرخنا وسط هذا الزحام؟ والرجال يعانقون الصباح ومعهم زوادتهم وشموخهم..."
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عدنان مظلوم
مؤسس المنتدى
مؤسس المنتدى
عدنان مظلوم


الجنس : ذكر
المساهمات : 562
الميلاد : 15/02/1987
التسجيل : 17/04/2010
العمر : 37
العمل : طالب جامعي
المزاج : الحمد لله

همس الحلم الآتي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: همس الحلم الآتي    همس الحلم الآتي  Icon_minitimeالأحد أغسطس 22, 2010 2:38 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almadeek.yoo7.com
الجنرال
عضو جديد
عضو جديد
الجنرال


الجنس : ذكر
المساهمات : 47
الميلاد : 27/04/1985
التسجيل : 08/06/2010
العمر : 39

همس الحلم الآتي  Empty
مُساهمةموضوع: رد: همس الحلم الآتي    همس الحلم الآتي  Icon_minitimeالأحد أغسطس 22, 2010 3:09 am

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
همس الحلم الآتي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قلعة المضيق :: {~~الأقسام الترفيهية~~} :: قسم القصص والحكايات-
انتقل الى: