كيف تجعل "شيطانك" منبّهاً لـ"صلاتك"؟

لم يغادر الشيطان في تلك الليلة سريره، فـ "الشاب العشريني" "أحمد" كان قد عقد النية قبل أن يخلد إلى النوم بالاستيقاظ وقت أذان الفجر كي يصليه جماعةً مع أخويه (رائد ومحمود) في مسجد الحي..

ومرّت الساعات سراعاً.. ورنّ جرس المنبّه.. وأفاق "أحمد".. بعينٍ نصف مفتوحة نظر إلى الساعة وقال هامساً "لا يزال الوقت مبكراً.. سأتابع غفوتي.. خمس دقائق فقط"، وأعاد ضبط المنبه..

الخمس دقائق صارت عشرة.. والعشرة أضحت ساعة.. والساعة رنّت "فكانت النتيجة أن الشمس طلعت.. وصلاة الفجر ضاع ثوابها"..

ولكن.. هل فكّرت يوماً أن تستغل "شيطان الفجر".. في إيقاظك من أجل صلاة الفجر؟ نعم عزيزي القارئ.. الحل في "حوارٍ" تخوضه أنت مع الشيطان الرجيم.. أما كيف ذلك؟ فدعنا نرى سوياً..

ما رأيُك؟
هل جرّبت يوماً بمجرد أن تفتح عينيك بعد رنين ساعة المنبه، أن تخاطب "إبليس" –بشرط نية التنفيذ- قائلاً له :"اسمعني جيداً.. إذا ضاعت مني صلاة الفجر اليوم فسأعاقبك بالحلال من صدقةٍ وصومٍ وقراءة قرآن واستغفارٍ وتوبة وذكر وصلة رحم.. ستندم يا إبليس ليس اليوم فقط.. بل في كل يوم تضيّع عليّ فيه صلاة".. هل تعتقد أنه –وهو الذي يهمه فوات الثواب الأكبر على بني آدم- سيمنعك من الاستيقاظ؟.. فكّر ثم أجب..


اسمعني جيداً.. إذا ضاعت مني صلاة الفجر اليوم فسأعاقبك بالحلال من صدقةٍ وصومٍ وقراءة قرآن واستغفارٍ وتوبة وذكر وصلة رحم.. ستندم يا إبليس ليس اليوم فقط.. بل في كل يوم تضيّع عليّ فيه صلاة
عن المعنى السابق عبّر الشيخ عائض القرني، بإيجاز في كتابه "مقامات القرني" قائلاً :"حاورت الشيطان الرجيم في الليل البهيم, فلما سمعت أذان الفجر أردت الذهاب إلى المسجد فقال لي :عليك ليل طويل فارقد، قلت: أخاف أن تفوتني الفريضة, قال: الأوقات طويلة عريضة، قلت: أخشى ذهاب صلاة الجماعة, قال: لا تشدد على نفسك في الطاعة...

فما أن قمت حتى طلعت الشمس فقال لي في همس : لا تأسف على ما فات فاليوم كله أوقات".. (لاحظ.. هو يوقعك في المعصية ويهوّنها ويصغر من شأنها عندك)!

جهدٌ مشكور
بعض الشبان يجاهدون أنفسهم من أجل الاستيقاظ بغية صلاة الفجر.. لكن البعض الآخر لا يتمكن من ذلك "ربما لكون سطوة الشيطان عليه أكبر"..

محمد حجاج، شابٌ في منتصف العشرينات من عمره، أكد أنه وبعد تصفّحه للعديد من المواقع والمنتديات على شبكة الإنترنت، استطاع أن يقف على خطّة يهزم من خلالها الشيطان وهي "تحديد عمل صالح يؤديه خصوصاً إذا ما غفل عن صلاة الفجر".

وقال:"عاهدت نفسي على صيام أو قيام اليوم الذي تضيع عليّ فيه الصلاة"، مبدياً دهشته كونه إذا فعل ذلك "لا يتأخر عن صلاته في اليوم التالي"!

أما علا إبراهيم، فوجدت في صديقاتها من يعينها على القيام لصلاة الفجر, بعد أن اتفقت كل واحدة منهن على الاتصال بالأخرى موعد الصلاة, أو الاكتفاء بالرنة على الجوال.

وقالت :"الحمد لله أن منّ علي بصديقات صالحات, فبعد أن كانت صلاة الفجر تضيع على في كثير من الأحيان, وجدت في صديقاتي الخير, وأصبحنا نساعد بعضنا البعض في الاستيقاظ".
وتستذكر "علا" أياماً مرّت عليها لم تكن تستطيع أن تصحو فيها لأداء الصلاة بل تكتفي بقضاء الفرض بعد أن "تشبع نوم" على حدّ تعبيرها.

وسائل للتنبيه
في هذا السياق، أوضح الداعية د.وائل الزرد أن هناك العديد من الخطوات والآليات التي يمكن للمسلم الاستعانة بها من أجل الاستيقاظ لصلاة الفجر، تبدأ بالنية الصادقة، والحرص على الوضوء وقراءة أذكار ما قبل النوم"، مضيفاً :"الإخلاص لله تعالى هو خير دافع خصوصاً إذا وجد ذلك الإخلاص الذي يلهب القلب ويوقظ الوجدان، فهو كفيل بإذن الله بإيقاظ صاحبه لصلاة الفجر مع الجماعة ولو نام قبل دخول وقت الفجر بدقائق".


الإخلاص لله تعالى هو خير دافع للاستيقاظ خصوصاًً إذا كان من ذلك النوع الذي يلهب القلب ويوقظ وجدان صاحبه لصلاة الفجر مع الجماعة ولو نام قبل دخول وقت الفجر بدقائق
وتابع :"إذا ترك الإنسان الذنوب والمعاصي التي يمكن أن يرتكبها في يومه، فيغض البصر ويبتعد عن الغيبة والنميمة، ويستعين للصلاة بأهل الصلاح "وفق آلية كأن يتعاهد معهم على الاتصال بهم أو بأي طريقة أخرى، لقوله تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى".

وبين الزرد أن الوسائل المعينة على القيام لصلاة الفجر لا تحصى، "خصوصاً في ظل عصر التكنولوجيا الحالي"، مفصلاً بالقول :"الساعة المنبهة إذا وضعت في مكانٍ بعيد عن السرير، فإن صاحبها سيضطر للوقوف والمشي باتجاهها لإقفالها حرصاً على ألا تزعج غيره".

وقد قام بعض الحريصين على الاستيقاظ لأداء صلاة الفجر بالاعتماد على عدة ساعات منبهة يتم وضع كل واحدة في مكانٍ يبعد عن الأخرى مسافةً معينة، ويجعل بين رنة كل واحدة بضع دقائق حتى إذا انطفأت الأولى رنّت الثانية وهكذا.

ثوابٌ عظيم
إن الثواب العظيم لصلاة الفجر يشجع الإنسان المسلم على القيام لها وتأديتها خاشعاً، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم من صلى البردين دخل الجنة)، والبردان هما : الفجر والعصر.

كما أن المحافظ على صلاة الفجر، يحفظه الله تعالى من أن يكون في منزلة المنافقين، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا، ولقد هممت أن آمر المؤذن فيقيم، ثم آمر رجلا يؤم الناس، ثم آخذ شعلا من نار، فأحرق على من لا يخرج إلى الصلاة بعدها).

وسيلة ناجحة
ولفت إلى أحاديث رسول الله التي عظّمت من ثواب صلاة الفجر، والتي منها قول الرسول صلى الله عليه وسلم:" من صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله", وقوله:"بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة", وعن عبد الله بن عمر _ رضي الله عنهما _ قال كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا الظن).

وحول قيام بعض الناس -في حال عدم الاستيقاظ لصلاة الفجر- بصيام اليوم أو قراءة أجزاء من القرآن, وعمل الكثير من الأعمال الصالحة في ذلك اليوم كتعويض عن الخسارة التي لحقت بهم بسبب عدم صلاتهم للفجر.. قال الزرد:" إن بعض الناس يقومون بذلك حقاً, وهذا أسلوب لتدريب النفس وتطويعها لطاعة الله, وهو أسلوب متبع منذ القدم وهو ناجع مع كثير من الناس".

أما حول قراءة آخر آيات من سورة الكهف للاستيقاظ لصلاة الفجر, فقد أنكر الزرد وجود أي نص صريح عن رسول الله يؤكد ذلك, ولكنه في الوقت ذاته أكد على أهمية قراءة القرآن الكريم قبل النوم للاستعانة بها لصلاة الفجر.

ودعا الداعية الإسلامي القادة السياسيين والوزراء والمدراء وكل أصحاب المناصب المهمة لأداء صلاة الفجر جماعةً حتى يصبحوا قدوة للشباب المسلم.