إذا كنا نعتبر أن (العين مغرفة الكلام) فإن خبراء السلوك يعتبرون أن كلام شخص ما ينم عن شخصيته، ويعتبرون حديثه دلالة على الصفات والسلوكيات التي يتمتع بها.
وفكرة تحديد الشخصية عن طريق مراقبة نبرات الصوت قديمة، فالفيلسوف اليوناني الشهير سقراط قال: (تكلم حتى أراك) وطبعاً يقصد سقراط رؤية دواخل الشخص وليس جسمه، في إشارة منه إلى أن الكلام أبلغ السبل في التعرف على الشخصية.
أما العرب فيقولون (الكلام من صفات المتكلم) وهم بذلك اكتشفوا أن الكلام يدل على شخصية المتكلم قبل الأبحاث المعاصرة بعدة قرون.
في العامية هناك أمثال تؤكد صون اللسان من اللغو في الكلام بل يشبهونه بالحصان فيقولون (لسانك حصانك، إن صنته صانك وإن خنته خانك).
يسمي خبراء السلوك اللباقة في الحديث مع الناس مفتاح الحياة ولكي يكون رأي الشخص مسموعاً من قبل من يخاطبهم عليه أن يكون محدثاً لبقاً ليستمتع بحديثه.
وعن رقة الشخصية في الحديث الهادئ العميق فلا علاقة هنا لنبرات الصوت ارتفاعاً وانخفاضاً بل المهم طريقة الكلام وعمقه.
وعلى العكس يرى خبراء السلوك أن الصراخ والسباب والشتائم يلج إليها الإنسان الضعيف ليشعر بالقوة، حتى لو كان ذلك الشخص في موقع مسؤولية؟
وقد يصف الناس شخصاً أنه دبلوماسي في كلامه، وهي صفة حميدة، والكلام الدبلوماسي يعني انتقاء الكلام المناسب في الوقت المناسب وكذلك فإن الحديث مع جميع أنماط الشخصيات.
أما المراوغة في الحديث فذلك ليس من الدبلوماسية في شيء،والمراوغة فن قائم بذاته وقد يكون محموداً تارة ومذموماً تارة أخرى، حسب الموقف والموضوع مدار الحديث.
نشير أيضاً إلى سرعة الكلام أو بطئه، ويفضل دائماً الحديث الهادئ المتوسط بين السرعة والبطء، فالسعة تؤدي إلى عدم فهم جميع ما يقال، والبطء قد يؤدي إلى ملل السامع وخير الأمور الوسط، ومن المفيد أن نذكر هنا أن بعض الشعوب تتميز بسرعة الكلام، كبعض شعوب شمال أفريقيا، وشعوب تتميز بالبطء في الحديث، لبعض شعوب أوروبا، وهناك الشعوب المتوسطة في الحديث كشعب بلاد الشام عامة ودمشق خاصة.