زاد الخير مراقب عام
الجنس : المساهمات : 219 الميلاد : 28/07/1969 التسجيل : 14/08/2010 العمر : 54 العمل : عمل إنساني المزاج : حال الطقس
| موضوع: الدور الدمشقية... مساحة من الحرية والانعتاق السبت أغسطس 14, 2010 10:28 pm | |
| إنّ من يتجوّل في حارات مدينة دمشق، ويلحظ ذلك التقارب والتلاحم والتداخل بل التراكب في دور دمشق وشكل أبوابها لا يتصور ما وراء تلك الأبواب من نعيم مقيم في أبهائها وغرفها وإيوانها وباحاتها وما هي عليه من رفاه ومنعة وراحة. فما يكاد ينفتح الباب حتى يجد المرء نفسه في مدخل بسيط يؤدي إلى دهليز طويل وضيق مع بعض التعرّج أو الانعطاف لحجب أنظار المارّة، فضلاً عن ذلك فإن جدران وسقف ذلك الدهليز خالية ما يلفت النظر من فنون البناء أو التزيين، لأنّ وظيفة هذا الدهليز بالأصل إنّما هي التمهيد للدخول إلى باحة الدار المعروفة باسم أرض الديار. وأرض الديار باحة واسعة تنفرج أمام منظر بهيّ يضمّ أغراس الشمشير والورد والياسمين والفلّ، وأشجار النارنج «الزّفار» والكبّاد والليمون وعرائش العنب، فضلاً عن نوافير الماء التي تتشامخ منها المياه فتتقصف في بحرة رخاميّة بيضاء أو مزّية. فأرض الديار في الدار الدمشقية، ركن أساسيّ من حياة أهل الدار، فهي جنّتهم ومنتزّههم وملاذهم، وعلى ذلك فهي موضع عنايتهم ومبلغ تعهدهم بالتنظيف والسقاية والغراس. أما الليوان أو الإيوان، فينفتح على باحة أرض الديار من الجهة الجنوبية، ويرتفع عن أرض الديار، ويُرقى إليه بدرجة أو درجتين وفي الجدار الجنوبي من هذا الليوان محراب وإلى يمين هذا الليوان فتحة في الجدار توضع فيها نسخة من القرآن الكريم، وإلى اليسار فتحة مماثلة لقنديل أو أكثر للإنارة. ولهذا الليوان دور في حياة الأسرة، فهو ملتقى أهل الدار لسمرهم ولضيوفهم، وبخاصّة في فصل الصيف. وقد يستخدم الليوان للنوم في ليالي الصيف القائظة، كما أنهم يتّقون فيه أشعة الشمس بالنهار، ويتلقّون فيه النسيم العليل أيام الصيف. وقد نجد في الجهة الشمالية من بيوت المترفين رواقاً يقابل ذلك الليوان، للإفادة من شمس الشتاء الجنوبية، كما هي الحال في دار عنبر بحيّ القيمرية.. وغالباً ما تكون واجهة هذا الرواق على شكل أقواس محمولة على أعمدة. أما الغرف والقاعات في البيت الدمشقي، فهي قاعات أو غرف صيفية وأخرى شتوية. فالقاعات الشتوية تطلّ على الواجهة الجنوبية من أرض الديار لتكون معرّضة لأشعة الشمس الشتوية، وهي تواكب الرّواق. ومن هذه الغرف الشتوية في الطابق العلوي وهذه القاعات العلويّة يصل بينها ممر أو دهليز مسقوف. وهي بطبيعة الحال معرضة لأشعة الشمس الشتوية. على حين تكون الغرف والقاعات الصيفية موجهة نحو الشمال لتكون في معزل عن أشعة الشمس في الصيف، ومن هذه القاعات الصيفية قاعتان الأولى عن يمين عتبة الإيوان والثانية عن يساره، فضلاً عن ذلك لابُد من وجود قاعة صيفية أخرى تنفتح على الجهة الشمالية من أرض الديار، وهي بمنزلة قاعة الشرف للأسرة... فيها تستقبل الأسرة ضيوفها، وفيها تحيي الأسرة أفراحها واستقبالاتها. وتتميّز هذه القاعة بالمزيد من العناية في كسوتها سواء من ناحية السقف أم الجدران. فالسقف على شكل وحدات زخرفية يطلق على الواحدة منها اسم طرز، أما الجدران فتكون مكسوّة بحلقة خشبية ترتفع إلى نحو ثلاثة أمتار. وهذه الحلقة تكون على شكل زخارف نباتية وهندسية نافرة ومطلية بالدهان العجمي. وفي جميع الأحوال لابدّ أن يكون بالبيت الدمشقي جناح يكون في وضع شبه منعزل عن باقي المنزل، على غرار ما نجده في القصور الدمشقية أو الدور الفارهة والمعروف باسم «السلاملك». ويتكون هذا الجناح من فسحة سماويّة صغيرة تنفتح عليها غرف أو قاعة يتخذها ربّ الأسرة على شكل مضافة يستقبل بها الزوار والصحب. ولابد من القول إن أرض الديار في البيت الدمشقي غالباً ما تكون مكسوّة بدروب من الحجر الأسود البازلتي المتناوبة مع دروب من الحجر الورديّ المزيّ. وقد نجد في الدور المترفة أن أرض الديار هذه مكسوّة بالرخام، ونجد حول البحرة التي تتوسط أرض الديار حشوات أو تشكيلات من الرخام الملون البديع المعروف بالمشقّف، وهم يعنون عناية فائقة بنباتات الزينة وتكون هذه النباتات مزروعة في أصص توضع على أطراف البحرة أو بالقرب من الجدران. | |
|
عدنان مظلوم مؤسس المنتدى
الجنس : المساهمات : 562 الميلاد : 15/02/1987 التسجيل : 17/04/2010 العمر : 37 العمل : طالب جامعي المزاج : الحمد لله
| موضوع: رد: الدور الدمشقية... مساحة من الحرية والانعتاق الأحد أغسطس 15, 2010 11:40 am | |
| | |
|