كلنا يعرف أن مهمة الطبيب النفسي هي اكتشاف المشكلة النفسية التي يعاني منها المريض من خلال جلسات الاستماع للمريض الذي يتعرض لحالات الاسترخاء حتى يتمكن الطبيب من الدخول إلى عالمه الداخلي ( النفسي ) ومن ثم معرفة تشخيص الحالة المرضية الحقيقية ومن ثم وصف العلاج
المناسب . ولكن ماذا يفعل الطبيب إذا كانت الحالة المرضية مستعصية الحل والعلاج ، ولم تنفع جلسات الاستماع في إحراز أي تقدم على مدى عشر سنوات من الصبر والمصابرة .. ترى هل ينتحر المريض إذا يئس من عدم قدرة الطبيب من تقديم العلاج بعد أن تم تشخيص المرض ؟ أم ينتحر الطبيب الذي يفقد الأمل من عودة الحالة النفسية الطبيعية لمريضه لعدم حصول أي استجابة تقدم أو حتى بارقة أمل في الشفاء.سمعنا كثيراً عن حالات انتحار لمرضى نفسانيين كثر تفاقمت أزماتهم النفسية وأنهوا حياتهم بأيديهم لينهوا حالة عدم التوازن والتأقلم مع المجتمع الذي يعيشون فيه.. ولم نسمع عن حالة انتحار طبيب لأنها تشكل حالة شاذة في المجتمعات البشرية، ولا يمكن أن تحصل إلا في مجتمع شاذ ومع أشخاص شاذين وغير أسوياء.. ولعل الدهشة تزول حين نعرف أن المنتحر هو موشي ياتوم، العالم النفسي الإسرائيلي، الذي عالج أعقد حالات الأمراض العقلية في مسيرته المهنية المميزة ، وقد انتحر مؤخراً بسبب رئيس وزراء العدو نتن ياهو الذي كان مريضاً يخضع للعلاج طوال العشرة أعوام الأخيرة .. لقد أصيب بالصدمة من الرأس المتحجر الذي يحمله نتن ياهو والمليء بمؤامرات القتل والتدمير والمجازر الدموية التي ارتكبها في حياته ولم يستطع أن يحرز معه أي تقدم.يقول موشي ياتوم : «لقد امتصّ نتن ياهو الحياة مني» ويضيف : «لا أستطيع تحمّل هذا أكثر، السرقة ( لدى نتن ياهو) هي إنقاذ، والتمييز العنصري هو حرية، ونشطاء السلام هم إرهابيون، والقتل هو دفاع عن النفس، والقرصنة أمر قانوني، وضم الأرض تحرير لها، ولا نهاية لهذه التناقضات (في عقل نتن ياهو)». الكذب الذي كان يقوم به لايمكن أن يصدقه أحد وهو بلا حدود وقد عبر ياتوم عن دهشته لما أسماه «شلال الكذب الصادر عن مريضه المشهور نتن ياهو». ولعل الشهادة تكون دامغة أكثر حين تكون من أهل بيته ، حيث أكدت زوجة نتن ياهو أنه مريض نفسيا بالفعل وقالت أنه أيضاً مريض بالكذب ، وقالت عبارة مشهورة لأحد الصحفيين في فترة رئاسته الأولى : لا أصدقه إلا عندما يكون نائما وأحيانا يكذب بجعل نفسه نائما .ولعله من المفيد لنا أن نذكر أن بعض وكالات الأنباء أشارت أن الطبيب ياتوم قد شفى مئات المرضى المصابين بانفصام الشخصية قبل أن يبدأ بالعمل على معالجة نتن ياهو، ولكنه بدأ يشعر بالإحباط واليأس لعجزه عن تحقيق أي تقدم في جعل نتنياهو يعترف بالحقيقة، وقد أصيب بجلطات عدة وهو يحاول أن يفهم عقل نتنياهو، والذي أطلق عليه في أحد عناوين مذكراته «ثقب أسود من التناقضات». وربما نجده قد اقترب من فهم عقدة النتن حين يقول في مذكراته:«نتن ياهو لديه العذر نفسه دائماً: اليهود على وشك الانقراض على يد عنصريين والطريقة الوحيدة لإنقاذهم هي بارتكاب مجزرة نهائية».إذاً هذا العقل المجرم للنتن يوحي له باستمرار ارتكاب القتل والمجازر عبر الحروب التي يفبركها عقله المريض كي يستمر بالبقاء مع شرذمة المجرمين اليهود الذين لا يتوانون عن ارتكاب الحماقات والجرائم اليومية ، وعلى هذا فإن نسبة شفائهم تبدو مستحيلة لأنهم أصبحوا أكثر من مدمنين على القتل والتدمير ولن يصلح العطار ما أفسده الدهر ، فالمجرم يبقى مجرماً وما بني على باطل فهو باطل