لابد أنكم وانتم تتجولون في شوارع مدينة حماة وأحيائها ليلة النصف من شعبان تلاحظون أن هذه ليلة مميزة جداً في حياة أبناء حماة , وهي أشبه ما تكون بليلة عيد فالأنوار والزينات تملأ الشوارع , و تمتد ولأمتار عديدة (بسطات) بيع حلاوة المحيا, وقد تزينت هذه المحلات وتلك البسطات بالسجاد والقناديل الكهربائية , بينما تنبعث من آلات التسجيل الأناشيد والابتهالات .. وأفواج الزبائن تملأ المكان كل يريد أن يأخذ ما يريد كي لا تفوته بركة السنة كما يقولون .
ماذا يعني اسم حلاوة المحيا ؟؟ ومن أين جاءت هذه التسمية ؟؟
جاءت كما يقول المعمرون من (الإحياء) لأنها توزع ليلة إحياء هذه الليلة على الأهل و الأقرباء, وهناك أقوال أخرى , منها : :أن التسمية جاءت من المحيا الذي هو عكس الممات فكان سائداً عند أهل حماة أن أوراق شجرة الحياة تسقط (باعتقادهم ) إلى السماء الدنيا في هذه الليلة ومن تسقط ورقته لن يشهد هذه الليلة في العام القادم .
ظهور حلاوة المحيا
سنتعرف على هذه الحلوى, من أين جاءت ؟؟ وما مصدرها؟؟ وكيف ظهرت للوجود؟؟ ولماذا لا توجد في بلد أخر غير حماة
هناك روايات عديدة حول ظهور هذه الحلاوة... ولكن جميعها غير مؤكد ومثبت في مرجع تاريخي أو دراسة اجتماعية .. لكن المستطاع استنتاجه من خلال دراسة للعصر الأيوبي ولسيرة حياة الأسرة الأيوبية يوحي أن الأيوبيين هم أصحاب فكرة الاحتفال الشعبي بليلة النصف من شعبان ثم تحول إلى طقس احتفال سنوي عند الحمويين يتباركون به ويجدون فيه مناسبة للقاءات الأسرية والمصالحات وصلة الرحم .
ومما وجد أن الملك المظفر محمود كان يجمع كل عام ماء الزهر من البلاد الشامية ويحمله في قافلة إلى بيت المقدس يغسل به قبة الصخرة المشرفة .. وكان يبحث دائما عن كل ما من شأنه تقوية أواصر العلاقة الاجتماعية
ويعطي أهمية للاحتفالات الدينية مثل عيد المولد النبوي وليلة النصف من شعبان وليلة القدر يوسع فيها على الفقراء والمحتاجين فيولم الولائم ويوزع الشراب والحلوى على طرق القوافل .. فلا غرابة والأمر كذلك أن يكون هو صاحب فكرة الاحتفال على هذه الطريقة بليلة النصف من شعبان بخاصة وأن أصحاب هذا الرأي يقولون إنه حين أراد الاحتفال بهذه الليلة ـ وكان من محبي الحلويات ـ بعث بالمنادي في أمصار سلطنته يطلب من باعة الحلويات صناعة حلوى جديدة لم يعرفها احد من قبل لتوزع على الفقراء والناس جميعا ليلة النصف من شعبان ونهارها، وراح كل حلواني يتفنن في تقديم ابتكاره وصناعته من الحلويات ويقدمها للسلطان .. ولما عُرضت عليه الأصناف جميعها وقع اختياره على مكعبات بشكل المعين مصنوعة بلونين الأحمر والأبيض فأمر أن تصنع الحلوى كل عام على هذه الطريقة وتوزع على الناس في مجال سلطنته ..
طريقة صناعتها:
أحدأصحاب معامل صناعة حلاوة المحيا من مصنعي هذه الحلاوة يقول: إن هذه الحلوى تصنع من مادتين رئيسيتين هما السميد والسكر ويضاف إليهما السمن وماء الورد وملونات ومنكهات طبيعية ثم توضع في الفرن وبعد أن تخرج من النار يتم تبريدها في الهواء الطلق ومن ثم تقطيعها إلى مكعبات بشكل المعين الهندسي ومع مرور الأيام دخلت إلى هذه الحلوى أصناف جديدة تمثلت في المعمول الذي يصنع من الطحين والسكر المطحون والسمن الحموي على شكل أقراص مزينة بالفستق الحلبي المبشور .. وكذلك حلاوة البشمينا التي تصنع من ذات المواد التي يصنع منها المعمول لكن على شكل رقائق مربعة خفيفة الوزن توضع فوق بعضها بعضاً ويرش فوقها السكر المطحون ..
عادات اجتماعية
إنه ونظراً لحرص أبناء حماة مدينة وريفاً على العادات والتقاليد الاجتماعية التي تقوي أواصر المحبة والألفة واللحمة الوطنية بين أفراد المجتمع ولاسيما بين أفراد الأسرة الواحدة فقد ربطوا الاحتفال بحلاوة المحيا بصلة الرحم وزيارة الأهل ، فالأب يشتري كميات من حلاوة المحيا في أطباق كرتون خاصة ويقوم بحملها إلى بيوت بناته المتزوجات اللواتي ينتظرن والدهن في هذه الليلة ليدخل بيت كل واحدة منهن بنصيبها من هذه الحلوى فتفرح هي وأبناؤها بها والأم لا تفتأ تذكر زوجها بهذه المناسبة منذ دخول شهر شعبان والبنات يستعدن لزيارة والدهن أو أخيهن الأكبر(هذا إذا لم يكن الأب على قيد الحياة) بهذه المناسبة ...أما الولد الذي يسكن في بيت مستقل فيأخذ في هذه الليلة من حلاوة المحيا ويقوم مع زوجته وأولاده بزيارة والده ووالدته يطلب منهما الرضا ويقدم لهما ما اشتراه لهما من هذه الحلاوة ..
وكل عام وانتم بخير!.
موضوع: حلاوة المحيا (الهريسة) 
الخميس سبتمبر 02, 2010 8:36 am
