الآثار التي عثر عليها في سوريا هي كنوز حقيقية تساعد على معرفة أصول التراث الذي يعود في سوريا إلى عصور موغلة في القدم ، وأهمها على أقل تقدير الفترة التي تعود إلى عشرة آلاف سنة ق.م ، والتي شهدت بداية تأسيس القرى الأولى والاستقرار ثم تبعها صنع الفخار في أواخر الألف السابع ق.م ، وشهدت أيضاً الإرهاصات الأولى لفكرة نشوء الآلهة .
أن التنقيب الأثري في سوريا جاء متأخراً نسبياً عن ماحوله ، ولكن مايهم أن التنقيب جرى ولا يزال مستمراً بغض النظر عن بداياته وعلى يد من بدأ رغم الخلفيات السياسية لبدايات التنقيب والتي تتعلق بنهب الآثار العربية وبناء تاريخ مزور يثب الأحقية اليهودية في بناء دولة لهم على حساب عراقة تاريخنا الحضاري .
ومن المعروف أيضاً أن المواقع الأثرية التي لم ينقب فيها هي أكثر بكثير من المواقع التي نقبت أو يجري التنقيب فيها حالياً .
ـ وموضوعنا في هذا البحث هو عن موقع جرى التنقيب فيه ولكن ضمن حملة إنقاذية خوفاً من الغمر تحت مياه بحيرة الأسد وهو موقع مملكة إيمار .
* تقع مملكة إيمار على الضفة اليمنى لنهر الفرات وتعرف اليوم باسم مسكنة وهي إلى الشرق من مدينة حلب بحوالي 100كم وقد بدأ العمل فيها سنة 1972م من قبل بعثة المعهد الفرنسي للدراسات العربية بدمشق لقد كشفت التنقيبات في موقع المملكة أنها تعود في تاريخها القديم إلى الألف الثالثة ق.م واستمرت حتى عصر البرونز الحديث . لقد اختفت إيمار وغابت عن مسرح الأحداث الدولية سنة 1187ق.م في ظل التحولات التي ألمت بالمتوسط والمشرق عامةً وقد أهمل الموقع حتى العصر الروماني مما يدل على أن الميناء النهري لإيمار قد تحول إلى موقع أخر .
* إيمار من خلال التنقيبات الأثرية الحديثة :
لقد ساعد موقع إيمار الجغرافي على إقامة وبناء قرية نموذجية تعود إلى فترات تبدأ من فترة الألف الثالثة ق.م وحتى العصر البرونزي الحديث كما ذكرنا سابقاً ، الأمر الذي دعا على التساؤل عن غياب سويتي البرونز القديم و الوسيط .