على نحو خمسين كيلو متراً من شمال حماه الغربي تقع مدينة مشهورة في تاريخ سورية القديم عرفها المؤرخون قبل السلوقيين باسم "بيلا" وبعدهم باسم أفاميا
دعيت المدينة بيلا على عهد المقدونيين باسم مدينة في مقدونيا ولد فيها الإسكندر الكبير وعلى أثر وفاته تقاسم قواده الإمبراطورية فكانت مقاطعات سوريا والعراق
وأرمينيا وما جاورها من نصيب القائد سلوقوس مؤسس الدولة السلوقية من عام (312-64) ق.م
وقد بنى أنطاكية وجعلها مركز الدولة واحتاج إلى معسكر في نواحي العاصي ومستودع للخيول والمؤن والذخائر فوسع مدينة بيلا المذكورة وحسنها وسمّاها
على أسم زوجته أفاميا وازدهرت المدينة ازدهاراً عجيباً
ويستخلص من بعض الآثار والإشارات التاريخية أن المدينة ظلت على ازدهارها في عهد
الرومانيين قبل المسيح وبعده وكانت مركز أسقفية سنة 638 م حتى زحف عليها القائد الإسلامي أبو عبيدة بن الجراح بعد أن دخل شيزر فتلقاه أهلها بالصلح
وفي ستة 1152م حصل زلزال قوي هدم مبانيها وقوّض أركانها فحوّل صروحها الجميلة إلى كوم متراكمة من الحجارة ثم لعبت بها يد الزمان فنقل العرب كثيرا
من آثار تلك الصروح وبنوا قلعة المضيق وكذلك بني بحجارتها الخان الكبير بالقرب منها وهو الآن متحف يضم آثارا قيمة من افاميا ولوحات من الفيسفساء
الرائعة تجذب إليها السائحين وتنال إعجاب الزائرين
وفي مستهل القرن الماضي جاءت بعثة بلجيكية ضمت عددا من كبار علماء الآثار وباشرت أعمال الحفر وتمكنت من معرفة تخطيط المدينة ورسم شارعها الكبير
بأعمدته الضخمة ؛ وكشفت طريقة توزيع المياه فيها إلى جانب الاطلاع على بعض الآثار الخاصة بالمعتقدات والعبادات واكتشفت صرحاً كبيراً قائماً على أعمدة
تشابه أعمدة الشارع إلا أنها ارفع منها وهو من أجدر الآثار بالاهتمام لما بدا في هندسته الرومانية وأسلوب بنائه من المزايا التي تخالف كل ما يعرف من نوعها
حتى اليوم , ومن الآثار المكتشفة أنقاض مسرح روماني وركن مزخرف يمثل مشاهد وأشخاصاً تتعلق بعبادة الكرمة وقد وجد في الشارع الكبير قبر حجري عليه
نقوش رومانية على أن وجود هذا القبر مطروحاً في الجادة الكبرى يدل على أن مقبرة المدينة قد نهبت وهناك آثار لا تقل شأناً عن كل ما ذكر ألا وهي الأقنية
الحجرية والفخارية التي كانت تتفرع في أرض المدينة فتوزع الماء على أنحائها المختلفة وقد جرّت إليها المياه من نقطة بعيدة لانخفاض مستوى نهر العاصي عن
المدينة. هذه أهم نتائج الحفريات حتى الآن والتي تبعث على الدهشة والإعجاب مما يجعل من هذه الآثار التاريخية مفخرة نعتز بها إلى جانب العديد من الأماكن
الأثرية في بلادنا الحبيبة والتي يشد إليها الرحال الكثير من السياح والدارسين يتنسمون عبير الزمن القديم وتاريخ سورية العظيم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]